بكتيريا تنتج مشتقات الخشب
استغلال البكتيريا صناعيا يمكن ان ينقذ غابات العالم
أكد الباحثون أن بكتيريا "سيانو"، وهي أحد اقدم أشكال الحياة على الأرض، لها القدرة الجينية على إنتاج مادة تحاكي وتقلد مادة السليولوز، وهي المادة التي تعطي النباتات القدرة على الصلابة والتماسك. ومن شأن هذا الكشف فتح الباب أمام استخدام بكتيريا معدلة وراثيا لإنتاج الورق ومواد أخرى مستخرجة من الخشب، وهو ما يعني تقليص الحاجة إلى تحطيب الغابات المدمر لبيئة كوكب الأرض.
وتشير الدراسة، التي كشف من خلالها عن هذه النتائج المهمة، إلى مجموعة دلائل ثابتة على قدرة هذه البكتيريا على إنتاج مكون يحاكي السليولوز، كما أنها تلقي الضوء على كيفية ظهور وتشكل وتطور الحياة على الأرض.
العالم ديفيد نوبلز
وتظهر الدراسة أنه من الممكن، قبل أكثر من ملياري عام، تم استيعاب كائن آخر قريب من تلك البكتيريا له القدرة على تحويل ضوء الشمس إلى طعام وانتاج السليولوز من قبل كائن آخر، مما اعتبر بداية لظهور أشكال جديدة من الحياة، أدت بدورها بعد ذلك إلى ظهور النباتات كما هي معروفة في شكلها الحالي.
وكشف الباحثون في جامعة تكساس بمدينة اوستن عن وجود مادة تحاكي السليولوز في تسعة أنواع من هذه البكتيريا، والتي تعرف عموما بأنها الطحالب الزرقاء المخضرة بسبب لونها المميز.
فوائد مهمة
وتعتبر بكتيريا سيانو من أقدم أشكال الحياة على الأرض، وهي موجودة منذ نحو 2,8 مليار عام، بل إن حفريات أثرية أثبتت وجودها قبل نحو 3,5 مليار عام.
ويعتبر السليولوز مادة البناء الأساسية التي تستخدمها النباتات لتشكيل الخلايا، وهو مادة مهمة اقتصاديا لأنه أحد المكونات الأساسية في الخشب والقطن وما شابهها، ويستخدم حاليا في تصنيع البلاستيك والمتفجرات والمنسوجات المصنّعة.
ويقول الباحث ديفيد نوبلز من جامعة تكساس إن العلماء كانوا على علم بوجود المادة المحاكية في تلك الكائنات، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم تقديم دليل علمي يثبت على وجودها.
ويمكن أن تؤدي التطبيقات العملية لهذا الكشف إلى الإنتاج الصناعي للسليولوز من هذه البكتيريا، وهو ما قد يعني الاستغناء تماما وبالتدريج عن قطع الأشجار وتحطيبها، حسب هذا الباحث.
ويعرف عن بكتيريا سيانو أن لها قدرة كبيرة على العيش في بيئات متنوعة ومختلفة اختلافا شديدا، تتراوح بين العيش في المياه العذبة في البحيرات والبرك، وفي الصحراء حيث لا وجود للمطر، وهي تكثر أيضا في الوديان الجافة في القارة القطبية الجنوبية، حيث تتواجد بين الصخور.
ضوء على الحياة
كما يلقي الكشف على هذه البكتيريا ضوءا جديدا على الكيفية التي تطورت بها الكائنات الحية على الأرض، وما تلاها من تتابع تطوري أدى إلى ظهور النباتات والحيوانات.
ويقول الدكتور مالكوم براون من نفس الجامعة إن أهمية الكشف عن قدرات بكتيريا سيانو تكمن في كون مورثاتها قريبة الشبه تركيبيا من مورثات أو جينات النباتات البرية، وهو ما قد يعني أن الرموز الجينية لإنتاج السليولوز في تلك النباتات مستمد مباشرة من تلك الموجودة في البكتيريا.
وإذا ما ثبت أن المواد المحاكية للسليولوز هي عبارة عن عملية تمثيل غذائي بدائية لأول الكائنات على الأرض، يمكن أن يلعب هذا الكشف دورا مهما في معرفة الكيفية التي يمكن أن يتحمل من خلالها الكائن البدائي الظروف الحياتية الصعبة التي كانت سائدة في كوكب الأرض قبل مئات الملايين من السنين.
أما الأهمية الأخرى في الكشف عن بكتيريا سيانو وامكانياتها فتتمثل في أنها، بخلاف النباتات، يمكن أن تنتج النيتروجين من الجو وهي لهذا لا تحتاج الأسمدة التي تدخل النترات في تكوينها.